العلاقة بين وصول البيتكوين إلى أعلى مستويات سعر جديدة وفوز ترامب: ما مستقبل العملات المشفرة؟

مع اقتراب نتائج الانتخابات الأمريكية لعام 2024 التي تُشير إلى رئاسة دونالد ترامب، ظهرت بالفعل تحولات كبيرة في عالم العملات المشفرة والأسواق المالية العالمية. ومع ظهور النتائج الرسمية، ارتفعت عملة البيتكوين إلى مستوى قياسي، متجاوزة 75,000 دولار، مع زيادة تزيد عن 8%. حيث يُظهر هذا الارتفاع السريع إيمان السوق بأنّ إدارة ترامب ستدعم عملة البيتكوين وغيرها من الأصول الرقمية. كما يشير إلى أنّ المستثمرين يتوقعون وضع سياسات من شأنها المساعدة في تحقيق النمو المالي، على الرغم من احتمال حدوث آثار تضخمية. كما تستعرض هذه المقالة الآفاق المستقبلية لعملة البيتكوين وعالم العملات المشفرة العام في ظل رئاسة ترامب، بما في ذلك التغييرات التنظيمية المتوقعة وردود فعل السوق وتوجهات الأسعار المستقبلية المحتملة.

ارتفاع عملة البيتكوين وردود الفعل على فوز ترامب

في ليلة الانتخابات، عندما حقق ترامب الفوز في ولايات مهمة في ساحة المعركة مثل جورجيا وبنسلفانيا، تحركت أسعار الأسواق المالية بسرعة. وقد ارتفع سعر عملة البيتكوين بأكثر من 8٪، ومن ثمّ ارتفع سعر علمة Dogecoin بأكثر من 20٪، وذلك بدعم صريح من إيلون ماسك؛ المؤيد القوي للمرشح ترامب. كما شهدت عملات أخرى مثل الإيثيريوم، ارتفاعًا في الأسعار. ويُشير رد الفعل الفوري هذا إلى ثقة المستثمرين الذين يتوقعون أنّ إدارة ترامب ستوّفر بيئة تنظيمية أكثر ودية للعملات المشفرة من نظريتها السابقة.

ارتفاع سعر عملة البيتكوين بأكثر من 8٪ مع حصول ترامب على الأغلبية في الانتخابات الأمريكية، حتى قبل فوزه الرسمي (المصدر: Bitget )

بالإضافة إلى ارتفاع سعر عملة البيتكوين، أظهرت عائدات السندات وأسواق الأسهم أيضًا حركة صعودية قوية. وتعكس هذه التوجهات إحساسًا عامًا بالتفاؤل بين المستثمرين بشأن سياسات ترامب الاقتصادية المحتملة. كما أنّ توقع انخفاض الضرائب واللوائح الداعمة للأعمال والسياسات التجارية الأقل تقييدًا يُعزز الحماس والحركة الإيجابية بالسوق. ومع دخول عملة البيتكوين الآن مرحلة "اكتشاف الأسعار"، مما يعني أن قيمتها غير معروفة بعد عند هذه المستويات، يبدو المستقبل واعدًا لسوق العملات المشفرة، حتى مع التقلبات المتوقعة على طول الطريق.

ارتفاع سوق الأسهم، بما في ذلك S&P 500 مع اقتراب فوز ترامب (المصدر: TradingView )

اختلاف موقف ترامب بشأن عملة البيتكوين والعملات المشفرة

يُعد دعم ترامب الحالي للعملات المشفرة تحولًا ملحوظًا عن وجهات نظره سابقًا. ففي عام 2021، انتقد عملة البيتكوين علنًا ووصفها بأنها "عملية احتيال" يجب تنظيمها بإحكام لحماية هيمنة الدولار الأمريكي. ولكن يبدو أنّ موقفه قد تراجع في السنوات الأخيرة، متأثرًا على الأرجح بشهرة العملات المشفرة المتزايدة وإمكاناتها كإحدى فئات الأصول المالية.

في حملته الانتخابية لعام 2024، أعرب ترامب عن طموحاته لجعل الولايات المتحدة "عاصمة العملات المشفرة في الكوكب ". وبفضل قطعه وعدًا بدعم مجال العملات المشفرة، نجح ترامب في كسب دعم العديد من الشخصيات الرئيسية في قطاعي التكنولوجيا والخدمات المالية، بما في ذلك الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا إيلون ماسك، وهو مؤيد قوي للبيتكوين وDogecoin. كما أثر دعم ماسك لحملة ترامب والسياسات الداعمة للعملات المشفرة على المستثمرين، لا سيما وأن شركاته كانت تمتلك سابقًا أصولًا كبيرة من البيتكوين.

يبدو أن نظرة ترامب المتغيرة بشأن العملات المشفرة تنبع من إدراكه للمكاسب الاقتصادية التي يُمكن أن يُحققها مجال الأصول الرقمية القوي. كما أنّ السياسات الداعمة للعملات المشفرة يُمكن أن تُعزز التقنيات المالية الجديدة، وتعزز ابتكار السوق، وتجذب استثمارات كبيرة. وفي حين أنّ خطاب ترامب قد تغير، إلّا أن خططه الدقيقة لتنظيم العملات المشفرة ليست مفصلة وموضحة بالكامل. لكن انفتاح إدارته الواضح وتقبلها للعملات المشفرة يُمكن أن يُساعد في تسريع نمو المجال ودفع الابتكار عبر تقنية البلوكتشين.

التوقعات التنظيمية للعملات المشفرة

يتوقع الكثيرون أن يصبح تنظيم العملات المشفرة في الولايات المتحدة في ظل إدارة ترامب أقل تقييدًا وأكثر دعمًا للابتكار. ففي الفترة السابقة، تحت إدارة بايدن، واجه مجال العملات المشفرة بيئة تنظيمية معقدة. كما تبنت وكالات مثل هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) نهجًا حذرًا ومتشككًا في كثير من الأحيان تجاه الأصول الرقمية، مما أدى إلى العديد من إجراءات الإنفاذ والوضوح التنظيمي المحدود. وردًا على ذلك، نقلت بعض شركات العملات المشفرة عملياتها إلى الخارج، بحثًا عن سلطات قضائية أكثر دعمًا.

والآن، مع تولي ترامب منصبه، يُمكن أن تكون التوقعات أكثر دعمًا وسهولة. وقد تؤدي وعود حملة ترامب بدعم نمو مجال العملات المشفرة في الولايات المتحدة إلى إجراء إصلاحات تنظيمية تهدف إلى تبسيط وتوضيح قواعد الأصول الرقمية. حيث يأمل خبراء المجال أن سياسات ترامب ستُعزز نهجًا أكثر توازنًا، مما قد يقلل العبء التنظيمي على شركات العملات المشفرة مع حماية المستهلكين. وستكون لجنة تداول السلع الآجلة (CFTC) عنصرًا رئيسيًا في هذا المجال، والتي كانت تدعم العملات المشفرة في سياقات معينة، حيث تسعى إلى التمييز بين الأوراق المالية والسلع داخل سوق الأصول الرقمية.

وقد يتضمن أحد التغييرات التنظيمية المهمة تحويل المزيد من الرقابة من هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) إلى لجنة تداول السلع الآجلة (CFTC). حيث من شأن هذا التحول أن يوفر لمجال العملات المشفرة إطارًا تنظيميًا أقل عبئًا، مما يتيح الابتكار دون قيود مفرطة. فضلًا عن أنّ مثل هذه التعديلات يُمكن أن تُعزز الميزة التنافسية للولايات المتحدة في سوق العملات المشفرة العالمية، مما يجذب المزيد من الشركات لتأسيس عملياتها محليًا.

نمو الاستثمار على مستوى المؤسسات وقطاع التجزئة

هناك عامل آخر يساعد في حالة الارتفاع الحالية لعملة البيتكوين يتمثل في تدفق المستثمرين من المؤسسات والأفراد إلى سوق العملات المشفرة. حيث تُظهر البيانات الأخيرة زيادة أحجام التداول، حيث تشهد منصات التداول في مناطق مثل آسيا والمحيط الهادئ ضعف الحجم المعتاد حيث يشتري المستثمرون بسعر عملة البيتكوين المرتفع. ويعكس الاهتمام المتجدد بالأصول المشفرة شعورًا بالتفاؤل بشأن قيمة عملة البيتكوين على المدى الطويل، خاصةً مع إمكانية وجود بيئة تنظيمية مدعومة من ترامب.

أظهرت المؤسسات اهتمامًا متزايدًا بعملة البيتكوين، مع ارتفاع التدفقات الداخلة إلى صناديق تداول البيتكوين أيضًا. كما تُشير هذه الزيادة في الاهتمام المؤسسي إلى أن عملة البيتكوين تنتقل من كونها أحد أصول البيع بالتجزئة بشكل أساسي إلى أصول مقبولة على نطاق واسع لدى المستثمرين الكبار. ومع زيادة شعبية صناديق تداول البيتكوين، يجد المستثمرون المؤسسيون أنه من الأسهل دخول سوق العملات المشفرة، مما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بمرور الوقت.

ارتفاع الحجم التراكمي لصناديق تداول البيتكوين بشكل مطرد منذ الموافقة عليها (المصدر: The Block )

بالإضافة إلى ذلك، وفقًا لخبراء سوق العملات المشفرة، إنّ السوق الصعودية الحالية مدفوعة إلى حد كبير بعمليات الشراء الفوري بدلًا من المشتقات. ويُشير هذا الاختلاف إلى أنّ الطلب على عملة البيتكوين حقيقي، وهذا نتيجة احتفاظ المشترين بالأصل بدلًا من تداوله على المدى القصير. كما يُمكن أن يساعد معدّل الطلب هذا، جنبًا إلى جنب مع دعم سياسة ترامب، في استقرار زخم سعر عملة البيتكوين والحفاظ عليه في الأشهر المقبلة.

المخاطر المُحتملة وتقلبات السوق

في حين أن فوز ترامب قد خلق بيئة إيجابية للعملات المشفرة، إلا أنّ العديد من المخاطر يُمكن أن تؤثر على سعر عملة البيتكوين والأصول الرقمية الأخرى. كما يُمكن أن تؤدي سياسات ترامب المؤيدة للأعمال، بما في ذلك التخفيضات الضريبية واللوائح المخفضة، أيضًا إلى ضغوط تضخمية، مما قد يجعل جهود الاحتياطي الفيدرالي لإدارة أسعار الفائدة أكثر تعقيدًا. كما يُمكن أن يؤثر ارتفاع التضخم على القوة الشرائية للدولار، مما يدفع المستثمرين إلى البحث عن أصول بديلة، مثل عملة البيتكوين، كتحوطات ضد التضخم. ومع ذلك، قد تدفع الضغوط التضخمية أيضًا الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع أسعار الفائدة مرةً أخرى، مما قد يجعل الأصول التقليدية مثل السندات أكثر جاذبية للمستثمرين المحافظين.

يكمن خطر آخر في سياسات ترامب التجارية الوقائية. وإذا نفذ ترامب وعده بفرض رسوم جمركية على الواردات، وخاصة من الصين، فقد يؤدي ذلك إلى نزاعات تجارية، مما يؤثر على الاقتصاد العالمي ويؤدي إلى تقلبات السوق. أمّا بالنسبة لمستثمري العملات المشفرة، يُمكن أن ينعكس هذا التقلب إلى وجود تقلبات في أسعار عملة البيتكوين والأصول الرقمية الأخرى. وعلاوة على ذلك، يمكن أن تؤثر التوترات التجارية على قيمة الدولار، مما يؤثر بصورةٍ غير مباشرة على سعر عملة البيتكوين استجابة لتقلبات العملة.

قد يكون لخطط ترامب لإعادة التفاوض على الصفقات التجارية وزيادة الرسوم الجمركية أيضًا آثار على شركات التكنولوجيا التي تعتمد على سلاسل التوريد الدولية. وبالنظر إلى أنّ العديد من شركات التكنولوجيا قد استثمرت أو طورت تقنية البلوكتشين، بما في ذلك العملات المشفرة، فإن أي اضطرابات في نماذج أعمالها يُمكن أن تؤثر بشكل غير مباشر على مجال العملات المشفرة.

الآفاق المستقبلية: هل ستصل عملة البيتكوين إلى ستة أرقام؟

مع دخول عملة البيتكوين الآن في نطاق سعري جديد، يُشير بعض المحللين إلى أنها قد تستمر في الارتفاع نحو ستة أرقام. ويشعر خبراء السوق بالتفاؤل بأن الجمع بين سياسات ترامب الداعمة للعملات المشفرة، إلى جانب زيادة الطلب من المستثمرين الأفراد والمؤسسات، يمكن أن يدفع سعر عملة البيتكوين إلى مستويات غير مسبوقة. وفي حال استمرار هذا التوجه، يُمكن لسوق عملة البيتكوين الصعودية جذب المزيد من الاستثمارات، خاصةً وأن المزيد من الناس يتجهون إلى الأصول البديلة للحماية من الاضطرابات الاقتصادية.

بهذا، يُعد الطريق إلى تحقيق ستة أرقام غير مضمون. ولا يزال تقلب عملة البيتكوين مصدر قلق، حيث يُمكن للأصل أن يواجه تقلبات حادة في الأسعار بسبب معنويات السوق أو التطورات التنظيمية. ففي حين أنّ أداء عملة البيتكوين بالفترة الأخيرة يبدو واعدًا، يجب أن يكون المستثمرون مستعدين لكل من المكاسب والخسائر، حيث لا يزال الأصل يتأثر بالعوامل الاقتصادية والسياسية المختلفة.

الخلاصة: عصر جديد لعملة البيتكوين والعملات المشفرة

لا شك أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض بمثابة لحظة محورية لمجال العملات المشفرة. فمع وصول سعر عملة البيتكوين إلى أعلى مستوى له على الإطلاق وإظهار الأسواق للتفاؤل، فإنّ الساحة مهيأة لفترة كبيرة محتملة من النمو للأصول الرقمية. حيث إنّ موقف ترامب المؤيد للعملات المشفرة والتحول المتوقع في الديناميكيات التنظيمية يدعم توفر بيئة مواتية لمستثمري العملات المشفرة

وستكون الأشهر القليلة المقبلة حاسمة في تحديد المسار طويل الأجل لعملة البيتكوين وسوق العملات المشفرة تحت قيادة ترامب. وفي حين لا تزال المخاطر قائمة، بما في ذلك التضخم وعدم اليقين بشأن السياسة التجارية، فإن الفرصة أمام مجال العملات المشفرة الأمريكية أقوى وأكثر قوة واضحة. وسواء وصلت عملة البيتكوين إلى آفاق جديدة أو واجهت تحديات، فمن المرجح أن تترك رئاسة ترامب تأثيرًا دائمًا على مستقبل العملة المشفرة في الولايات المتحدة وخارجها.

إخلاء المسئولية: إنّ الآراء الواردة في هذه المقالة مُعدّة لأغراض إعلامية فقط. ولا تشكّل هذه المقالة دعمًا لأي من المنتجات والخدمات المذكورة، كما أنها لا تقدم نصائح استثمارية، أو مالية، أو للتداول. يجب استشارة المهنيين المؤهلين قبل اتخاذ القرارات المالية.